الصحابي الجليل أسامة بن زيد
عند الحديث عن سيرة رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام فما أجمل ما نكتشفه ،يوجد الكثير ونتعرف على الكثيرين من صحابته فهم لازموه وشهدوا عذابه ونصره،فكانت
قصصهم عبر ، بطولاتهم شامخة ،أعمالهم تاريخية .
اليوم نتعرف على أحد هؤلاء العضماء
الصحابي الجليل أسامة بن زيد ،
ولادته ونشأته:
أسامة ابن زيد بن حارثة الكلبي ولد في العام 7 ق.هـ
فهو الذي عند ولادته فرح النبى فرحا قل ما فرح مثله هو وأصحابه ، مع رجل قال عمر لابنه عنه ( إن أبا أسامة كان أحب إلى رسول الله من أبيك وكان هو أحب إلى رسول الله منك ) مع الصحابى الجليل أسامة بن زيد رضى الله عنه .
نحنُ الآن في السنةِ السابعةِ قبلَ الهجرةِ في مكة.
ورسولُ الله صل الله وسلم في صراع ومشادات بين جزر ومد مع قريشٍ له ولأصحابهِ صراع حول همومِ الدعوَة وأعبائها ما جعل حياته عليه الصلاة والسلام في سِلسلةٍ مُتواصلةٍ من الأحزانِ والنوَائِب وفيما هو كذلك أشرَقت في حياتِه بارقة سرورٍ فلقد جاءهُ البشيرُ يُبشرهُ بالخبر السار .
ورسولُ الله صل الله وسلم في صراع ومشادات بين جزر ومد مع قريشٍ له ولأصحابهِ صراع حول همومِ الدعوَة وأعبائها ما جعل حياته عليه الصلاة والسلام في سِلسلةٍ مُتواصلةٍ من الأحزانِ والنوَائِب وفيما هو كذلك أشرَقت في حياتِه بارقة سرورٍ فلقد جاءهُ البشيرُ يُبشرهُ بالخبر السار .
أنَّ أم أيمن وضعت غلاماً فأضاءتْ أسارِيرُه عليه الصلاة والسلام بالفرحة وأشرق وجهُه الكريمُ بالبهجة لهذه البشرى .
إنه الغلام السعيدُ الذي أدخلَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم كل هذا السرور؟ إنه (أسَامة بنُ زيْد ).
ولم يَستغربْ أحدٌ من صحابةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم بهجته بالمولودِ الجديد ،
وطبعا ذلك لِموضعِ أبويهِ منه ومنزلتهما عنده ، فأمّ الغلامِ هي (بَركة الحَبشيّة) المُكـناة او الملقبة بأمِّ أيمن وقد كانت مَملوكة لآمنةِ بنتِ وهبٍ أمِّ الرسول عليه الصلاة والسلام ، فرَبتهُ في حَياتها وحَضنتهُ بعد وفاتها ففتحَ عينيهِ على الدُنيا وهو لا يعرفُ لنفسهِ أماً غيرَها فأحبَّها أعمق الحبِّ وأصدقهُ، وكثيراً ما كان يقول : هي أمِّي بعدَ أمِّي وبقية أهلِ بيتي .
هذه أمُّ الغلامِ أسامة بن زيد ، أمَّا أبوه فهو ( حِبُّ ) رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدُ بن حارِثة ، وابنه بالتبني قبلَ الإسلامِ وصاحبُهُ وموضعُ سِرِّه وأحدُ أهلهِ وأحبُ الناس إليهِ بعد الإسلامِ ، وقد فرحَ المسلمون بمَولد أسَامة بنِ زيدٍ كما لم يَفرحُوا بمولودٍ سواه ذلك لأن كل ما يُفرحُ النبيَّ يُفرحهُم وكل ما يُدخلُ السرور على قلبهِ يَسرُهم فأطلقوا على الغلامِ المحظوظ لقبَ (الحِبَّ وابنُ الحِبِّ) .
مكانته عند رسول الله (ص):
ولم يكن المسلمون مُبالغين حين أطلقوا هذا اللقبَ على الصبي الصغير أسَامة فقد أحَبهُ الرسول صلاة الله عليه وسلم عليه حُباً تغبطهُ وتحسده عليه الدنيا كلها فقد كان أسامَة مُقارباً في السِّن لإبنه الحسنِ بن فاطِمة الزهراء وكان الحسنُ أبيضَ أزهرَ رائع الحُسن شديد الشبهِ بجدِّه رسول الله وكان أسامة أسوَدَ البشرة أفطسَ الأنفِ شديدَ الشبهِ بأمهِ الحبشيّة .
لكنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام ما كان يُفرقُ بينهُما في الحُبِّ والعطف ، فكان يأخذ أسامة فيضعُه على إحدى فخِذيه ويأخذ الحَسن فيضعُه على فخِذه الأخرى ثم يضمهما معاً إلى صدره ويقول: (اللهُمّ إني أحِبهُمَا فأحِبّهُما) وقد بلغ من حُبِّ الرسول لأسامة أنهُ عثرَ ، ذات مرةٍ بعتبة الباب فسقط فشجَّت جبهتهُ وسال الدمُ من جُرحه فأشارَ النبيُ صلى الله عليه وسلم لعائشة رضوان الله عليها أن تزيل الدمَ عن جُرحه فلم تطِب نفسُها للمنظر لذلك فقامَ إليه النبي صلوات الله وسلامه عليه وجعَل يَمصُ شجتهُ ويَمُجّ الدمَ وهو يُطيبُ خاطرهُ بكلماتٍ تفيضُ عُذوبة وحناناً .
وكما أحبَّ الرسول عليه الصلاة والسلام أسامة في صِغره فقد أحَبهُ في شبابه أيضا ، فلقد أهدَى حكيمُ بن حزامٍ أحدُ سَراةِ قريشٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم حُلةً ثمينةً شرَاها من اليمنِ بخمسين ديناراً ذهباً كانت (لِذي يَزن) أحَدِ مُلوكهم ، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَقـبل هديته لأنهُ كان يومئذٍ مُشركاً وأخذها منهُ بالثمن وقد لبسَها النبيُ الكريمُ مرةً واحدةً في يوم جُمعةٍ ثم خلعها على أسامة بنِ زيدٍ ، فكان يروحُ بها ويغدُو بيـن أترابه من شبَّانِ المهاجرين والأنصارِ .
ولما بلغ أسامة بنُ زيدٍ أشدَّهُ وأصبح شابا فتيا ، بدأ عليه من كريمِ الشمائلِ وجَليلِ الخصال ما يجعلهُ جَديراً بحُبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقد كان ذكياً حادَّ الذكاءِ شجاعاً خارق الشجاعةِ حكيماً يضعُ الأمورَ في مواضِعها عفيفاً يَأنفُ الدنايا آلِفاً مألوفاً يُحبه الناس تقياً ورِعاً يُحبه الله .
فقد كان ذكياً حادَّ الذكاءِ شجاعاً خارق الشجاعةِ حكيماً يضعُ الأمورَ في مواضِعها عفيفاً يَأنفُ الدنايا آلِفاً مألوفاً يُحبه الناس تقياً ورِعاً يُحبه الله .
شجاعته في الغزوات ضد المشركين :
ففي يومِ غزوة أحُدٍ جاءَ أسامة بنُ زيدٍ مع نفرٍ من صبيانِ الصحابة يُريدون الجهاد في سبيل الله، فأخذ الرسول مِنهم من أخذ، وَردَّ منهم من ردَّ لصغرِ أعمارِهم، فكان في جملة المردودين أسامة بن زيدٍ فتولى وتراجع وعيناه الصغيرتان تفيضانِ من الدّمعِ حزناً ألا يُجاهد تحت راية رسول الله عليه الصلاة والسلام .
وفي غزوة الخندقِ جاءَ أسامة بن زيدٍ أيضاً ومَعهُ نفرٌ من فِتيانِ الصحابة كعادتهم وجعلَ يشدُ قامتهُ إلى أعلى ليُجيزهُ (ليأذن له) رسول الله فرقّ له النبيُ عليه الصلاة والسلام وأجازه فحملَ السيفَ جهاداً في سبيل الله وهو ابنُ خمسَ عَشرة سنة (ماشاء الله).
وفي يومِ حُنيـنٍ حيـن أين انهزمَ المسلمون ثبت أسامة بن زيدٍ مع العَبّاس عمِّ الرسول وأبي سفيان بن الحارث ابن عمِّه وستةِ نفرٍ آخرين من كِرام الصحابة الشجعان ، فاستطاع الرسول عليه الصلاة والسلام بهذه الفئةِ الصغيرةِ المؤمنةِ الباسلة أن يُحوِّل هزيمَة أصحابه إلى نصـرٍ وأن يَحمي المسلمين الفارِّين من أن يَفتك بهم المُشركون .
وفي يومِ مُؤتة جاهدَ أسامة بن زيد تحت لِواء أبيهِ زيد بن الحارثة وسِنه لا يتجاوز الثامنة عشـرة ، فرأى بعينيهِ مَصرع أبيه ، فلم يَهن ولم يَتضعضعْ ، وإنما ظلَّ يقاتلُ تحت لواء جَعفر بن أبي طالبٍ حتى صُرع على مرأىً منه ومشهدٍ ، ثم تحت لواءِ عبد الله بن رَوَاحَة حتى لحِق بصَاحبيه ، ثم تحت لواء خالدٍ بن الوليد حتى استنقذ الجيش الصغيرَ من براثِنِ الرومِ .
ثم عادَ أسامة إلى المدينةِ مُحتسباً أباهُ عِند الله تاركاً جسدهُ الطاهرَ على تخومِ الشام راكباُ جواده الذي استشهِدَ عليه .
وفي السنةِ الحادية عشرة للهجرة ، أمرَ الرسولُ الكريمُ بتجهيز جيشٍ لغزو الرُوم وجعلَ فيه أبا بكرٍ وعمرَ وسعدَ بن أبي وقاصٍ وأبا عبيدَة بن الجرَّاح وغيرهم من جلةِ الصحابة وأمرَ على الجيشِ أسامة بن زيد وهو لم يجاوزِ العشرين بعدُ وأمره أن يُوطئ الخيل تخومَ (البلقاء) و (قلعة الدَّارومِ) القريبة من (غزة) من بلادِ الروم .
وفيما كان الجيشُ يتجهزُ ويستعد مَرِض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما اشتدَّ عليه المرضُ توقفَ الجيش عن المسير انتظاراً لما تسفِرُ عنه حالُ رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال أسامة: (ولما ثقل على نبيِّ الله المرضُ أقبلتُ عليه وأقبلَ الناسُ معي فدخلتُ عليه فوجدته قد صَمت فما يَتكلمُ من وطأة الدّاءِ فجعلَ يرفعُ يدهُ إلى السماءِ ثم يَضعُها عليَّ فعرفتُ أنهُ يَدعو لي ) .
ثم ما لبث أن فارق الرسول الحياة وتمَّت البيعة لأبي بكرٍ فأمرَ بإنفاذ بَعثِ أسامة لكنَّ فئةً من الأنصارِ رأت أن يُؤخرَ البعث وطلبَت من عمرَ بن الخطاب أن يُكلم في ذلك أبا بكرٍ.
وقالت له : فإن أبَى إلا المُضيَّ فأبلغهُ عنا أن يُوليَ أمرنا رجُلاً أقدمَ سِناً من أسامة وما إن سَمعَ الصدّيقُ من عمرَ رسالة الأنصارِ ، حتى وثبَ لها وكان جالساً وأخذ بلحيةِ الفاروقِ وقال مُغضباً : ثكِلتك أمُك وعَدِمتك يا ابن الخطاب اِستعمَلهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأمُرني أن أنزعَه والله لا يكون ذلك.ولما رجعَ عمرُ إلى الناسِ سألوه عما صنعَ فقال : امضوا ثكِلتكم أمهاتكم فقد لقيتُ ما لقيت في سبيلكم من خليفةِ رسول الله .
ولما انطلق الجيشُ بقيادة قائِده الشابِّ شيعَهُ خليفة رسول الله ماشياً وأسامة راكبٌ .
فقال أسامة : يا خليفة رسول الله : والله لتركبنَّ أو لأنزِلنَّ .
فقال أبو بكر : والله لا تنزلُ ووالله لا أركبُ وما عليَّ أن أغبِّرَ قدميَّ في سبيل الله ساعة؟
ثم قال لأسامة : أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيمَ عملك وأوصيك بإنفاذِ ما أمَرك به رسول الله ثم مالَ عليه وقال : إن رأيتَ أن تعينني بعُمرَ فائذن له بالبقاءِ معي فأذِن أسامة لعُمرَ بالبقاء .
مَضى أسامة بن زيدٍ بالجيشِ وأنفذ كل ما أمرهُ به رسول الله فأوطأ خيلَ المسلمين تخومَ البلقاء و قلعَة الدَّارومِ من أرضِ فلسطين ونزع هيبة الرومِ من قلوب المسلمين ومهدَ الطريق أمامهم لفتح ديار الشام ومصر والشمال الإفريقي كله حتى بحر الظلمات ، ثم عادَ أسامة مُمتطياً صَهوة الجوادِ الذي استشهد عليه أبوه حامِلاً من الغنائمِ ما زاد عن تقدير المُقدرين حتى قيل
إنه ما رُئي جيشٌ أسلمُ وأغنمُ من جيشِ أسامة بن زيدٍ
ظلَّ أسامة بن زيدٍ ما امتدَّت به الحياة مَوضعَ إجلال وإحترام المسلمين وحُبِّهم وفاءً لرسول الله وإجلالاً لِشخصه فقد فرضَ له الفاروق عطاءً أكثر مما فرضه لابنه عبدِ الله بن عمرَ ، فقال عبد الله لأبيه : يا أبتِ فرضتَ لأسامة أربعة آلافٍ وفرضتَ لي ثلاثة آلافٍ وما كان لأبيه من الفضلِ أكثر مما كان لك وليس لهُ من الفضلِ أكثر ممّا لي .
فقال عمر الفاروق : هيهاتُ إن أباهُ كان أحبَّ إلى رسول الله من أبيك يابني ،وكان هو أحَبَّ إلى رسول الله منك فرضِيَ عبدُ الله بن عمرَ بما فرض له من عطاءٍ .
وكان عمرُ بن الخطاب إذا لقيَ أسامة بن زيدٍ قال : مرحباً بأميري فإذا رأى أحداً يَعجبُ منه قال : لقد أمَّرهُ عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لقد كان الصحابي الجليل أسامة بن زيد قائدا مغوارا وحكيما
مثبت عظيم الخصال والشان .
وفي غزوة الخندقِ جاءَ أسامة بن زيدٍ أيضاً ومَعهُ نفرٌ من فِتيانِ الصحابة كعادتهم وجعلَ يشدُ قامتهُ إلى أعلى ليُجيزهُ (ليأذن له) رسول الله فرقّ له النبيُ عليه الصلاة والسلام وأجازه فحملَ السيفَ جهاداً في سبيل الله وهو ابنُ خمسَ عَشرة سنة (ماشاء الله).
وفي يومِ حُنيـنٍ حيـن أين انهزمَ المسلمون ثبت أسامة بن زيدٍ مع العَبّاس عمِّ الرسول وأبي سفيان بن الحارث ابن عمِّه وستةِ نفرٍ آخرين من كِرام الصحابة الشجعان ، فاستطاع الرسول عليه الصلاة والسلام بهذه الفئةِ الصغيرةِ المؤمنةِ الباسلة أن يُحوِّل هزيمَة أصحابه إلى نصـرٍ وأن يَحمي المسلمين الفارِّين من أن يَفتك بهم المُشركون .
وفي يومِ مُؤتة جاهدَ أسامة بن زيد تحت لِواء أبيهِ زيد بن الحارثة وسِنه لا يتجاوز الثامنة عشـرة ، فرأى بعينيهِ مَصرع أبيه ، فلم يَهن ولم يَتضعضعْ ، وإنما ظلَّ يقاتلُ تحت لواء جَعفر بن أبي طالبٍ حتى صُرع على مرأىً منه ومشهدٍ ، ثم تحت لواءِ عبد الله بن رَوَاحَة حتى لحِق بصَاحبيه ، ثم تحت لواء خالدٍ بن الوليد حتى استنقذ الجيش الصغيرَ من براثِنِ الرومِ .
ثم عادَ أسامة إلى المدينةِ مُحتسباً أباهُ عِند الله تاركاً جسدهُ الطاهرَ على تخومِ الشام راكباُ جواده الذي استشهِدَ عليه .
وفي السنةِ الحادية عشرة للهجرة ، أمرَ الرسولُ الكريمُ بتجهيز جيشٍ لغزو الرُوم وجعلَ فيه أبا بكرٍ وعمرَ وسعدَ بن أبي وقاصٍ وأبا عبيدَة بن الجرَّاح وغيرهم من جلةِ الصحابة وأمرَ على الجيشِ أسامة بن زيد وهو لم يجاوزِ العشرين بعدُ وأمره أن يُوطئ الخيل تخومَ (البلقاء) و (قلعة الدَّارومِ) القريبة من (غزة) من بلادِ الروم .
وفيما كان الجيشُ يتجهزُ ويستعد مَرِض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما اشتدَّ عليه المرضُ توقفَ الجيش عن المسير انتظاراً لما تسفِرُ عنه حالُ رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال أسامة: (ولما ثقل على نبيِّ الله المرضُ أقبلتُ عليه وأقبلَ الناسُ معي فدخلتُ عليه فوجدته قد صَمت فما يَتكلمُ من وطأة الدّاءِ فجعلَ يرفعُ يدهُ إلى السماءِ ثم يَضعُها عليَّ فعرفتُ أنهُ يَدعو لي ) .
ثم ما لبث أن فارق الرسول الحياة وتمَّت البيعة لأبي بكرٍ فأمرَ بإنفاذ بَعثِ أسامة لكنَّ فئةً من الأنصارِ رأت أن يُؤخرَ البعث وطلبَت من عمرَ بن الخطاب أن يُكلم في ذلك أبا بكرٍ.
وقالت له : فإن أبَى إلا المُضيَّ فأبلغهُ عنا أن يُوليَ أمرنا رجُلاً أقدمَ سِناً من أسامة وما إن سَمعَ الصدّيقُ من عمرَ رسالة الأنصارِ ، حتى وثبَ لها وكان جالساً وأخذ بلحيةِ الفاروقِ وقال مُغضباً : ثكِلتك أمُك وعَدِمتك يا ابن الخطاب اِستعمَلهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأمُرني أن أنزعَه والله لا يكون ذلك.ولما رجعَ عمرُ إلى الناسِ سألوه عما صنعَ فقال : امضوا ثكِلتكم أمهاتكم فقد لقيتُ ما لقيت في سبيلكم من خليفةِ رسول الله .
ولما انطلق الجيشُ بقيادة قائِده الشابِّ شيعَهُ خليفة رسول الله ماشياً وأسامة راكبٌ .
فقال أسامة : يا خليفة رسول الله : والله لتركبنَّ أو لأنزِلنَّ .
فقال أبو بكر : والله لا تنزلُ ووالله لا أركبُ وما عليَّ أن أغبِّرَ قدميَّ في سبيل الله ساعة؟
ثم قال لأسامة : أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيمَ عملك وأوصيك بإنفاذِ ما أمَرك به رسول الله ثم مالَ عليه وقال : إن رأيتَ أن تعينني بعُمرَ فائذن له بالبقاءِ معي فأذِن أسامة لعُمرَ بالبقاء .
مَضى أسامة بن زيدٍ بالجيشِ وأنفذ كل ما أمرهُ به رسول الله فأوطأ خيلَ المسلمين تخومَ البلقاء و قلعَة الدَّارومِ من أرضِ فلسطين ونزع هيبة الرومِ من قلوب المسلمين ومهدَ الطريق أمامهم لفتح ديار الشام ومصر والشمال الإفريقي كله حتى بحر الظلمات ، ثم عادَ أسامة مُمتطياً صَهوة الجوادِ الذي استشهد عليه أبوه حامِلاً من الغنائمِ ما زاد عن تقدير المُقدرين حتى قيل
إنه ما رُئي جيشٌ أسلمُ وأغنمُ من جيشِ أسامة بن زيدٍ
ظلَّ أسامة بن زيدٍ ما امتدَّت به الحياة مَوضعَ إجلال وإحترام المسلمين وحُبِّهم وفاءً لرسول الله وإجلالاً لِشخصه فقد فرضَ له الفاروق عطاءً أكثر مما فرضه لابنه عبدِ الله بن عمرَ ، فقال عبد الله لأبيه : يا أبتِ فرضتَ لأسامة أربعة آلافٍ وفرضتَ لي ثلاثة آلافٍ وما كان لأبيه من الفضلِ أكثر مما كان لك وليس لهُ من الفضلِ أكثر ممّا لي .
فقال عمر الفاروق : هيهاتُ إن أباهُ كان أحبَّ إلى رسول الله من أبيك يابني ،وكان هو أحَبَّ إلى رسول الله منك فرضِيَ عبدُ الله بن عمرَ بما فرض له من عطاءٍ .
وكان عمرُ بن الخطاب إذا لقيَ أسامة بن زيدٍ قال : مرحباً بأميري فإذا رأى أحداً يَعجبُ منه قال : لقد أمَّرهُ عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفاته :
قيل عاش حتى زمت خلافة المعاوية ابن ابي سفيان ،توفي بالجرف بالمدينة المنورة ،في سن 54هجري ،كانت له زوجة هي فاطمة بنت قيس الفهرية،وإبنه محمد ابن أسامة بن زيدلقد كان الصحابي الجليل أسامة بن زيد قائدا مغوارا وحكيما
مثبت عظيم الخصال والشان .
عزيزي الزائر لا تخرج قبل إبداء رأيك في الموضوع فذالك يهمنا